فصل: قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإن ما يعدّه أهل هذا العصر من العلوم المحدثة بزعمهم قد تكون قديمة لأنهم لم يطلعوا على كل ما اطلع عليه الأوائل من العلوم فمن ينظر إلى فنّ الهندسة وصنع الأبنية القديمة والأصباغ والنقوش والتصوير والتصبير يعلم أن الأواخر لم يبلغوا بعد ما بلغه الأوائل لأنهم حتى الآن عن معرفته عاجزون وهناك تحنيط الأموات لم يقفوا على أجزاء تركيبه ومرض السرطان لم يقفوا على توقيفه مما يدل على أن جل الأشياء قديمة والناس يتأسون بآثارهم ويقتفون مآثرهم فما عثروا عليه برعوا.
به وما لم يعثروا عليه فسيعثرون عليه بعد لأن الدنيا لم تكمل بعد راجع الآية 24 من سورة يونس المارة {وَما تَدْري نَفْسٌ ما ذا تَكْسبُ غَدًا} من خير أو شر {وَما تَدْري نَفْسٌ بأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} في سهل أو جبل في قرية أو بادية في بحر أو نهر ولا تدري بأي أرض تدفن ولا كيفية موتها هل بحرق أو تردي أو غرق أو افتراس أو غير ذلك، وهذان الأمران وأمر الساعة لم يتطرق إليها بحث ما بوسائل معرفتها من أهل العلوم العصرية البتة ولما يتطرق واللّه أعلم.
لأن نهاية عقول العالمين فيها عضال وغاية سعي الساعين فيها ضلال ولهذا فإن كل ما بذله ويبذله البشر لمعرفة هذه الأمور الخمسة على الحقيقة غايته العجز لأن ما اختص اللّه به لنفسه لم يطلع عليه عباده، لذلك فإن نتيجة البحث فيها عقيمة، وعاقبتها وبال إذ قد تؤدي إلى اختلال العقل أو الانتحار لأن لكل علم أصولا تحده ولا حد لعلوم اللّه، وإذا تدبرت في قوله تعالى: {عنْدَهُ} وكلمتي {وَما تَدْري} {وَما تَدْري} علمت أنهما تشيران إلى أن هذه الثلاثة لا يحوم حول حماها البشر وإن الاثنين الآخرين وهما نزول الغيث وما في الأرحام قد يتطرق إليهما لأن العلم فيهما لا ينافي علم اللّه ولكن لا يقف على ما فيهما على الحقيقة فلا يبلغون مداهما مهما توغلوا فيهما كما هو في علم اللّه، وإذا تأملت قوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ} الإله العظيم المبدع هو وحده لا غير {عَليمٌ} في هذه الأشياء الخمسة وغيرها {خَبيرٌ} بتفصيلاتها وأزمان حدوثها وقد علمت أنها من خصائصه لا دخل لخلقه فيها فسلم تسلم واعتقد ترشد.
واعلم أن كل ما خطر ببالك فاللّه فوق ذلك، وسبب نزول هذه الآية على ما قالوا هو أنه جاء الحارث بن عمرو بن حارثة ابن حفصة من أهل البادية فسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن الساعة ووقتها وقال إن أرضنا أجدبت فقل لي متى ينزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فما تلد ولقد علمت بأي أرض ولدت فأخبرني بأي أرض أموت، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر قال: مفاتح الغيب خمس وتلا هذه الآية.
ويوجد في القرآن سورتان مختومتان بلفظ {خَبيرٌ} هذه والعاديات فقط، هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد للّه رب العالمين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة لقمان عليه السلام مكية إلا قوله ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآيتين فمدني.
الم تقدم الكلام عليه الحكيم كاف لمن قرأ ورحمة بالرفع لأنه بتقدير هو هذى ورحمة وليس بوقف لمن قرأه بالنصب لنصبه على الحال مما قبله يوقنون تام من ربهم كاف المفلحون تام هزموا صالح وقال أبو عمرو كاف مهين حسن أليم تام خالدين فيها حسن وقال أبو عمرو كاف ودع الله حقا أكفى منه الحكيم تام من كل دابة حسن وكذا كريم من دونه تام وكذا مبين أن شكر لله تام وكذا حميد وعظيم بوالديه كاف وكذا على وهن وفي عامين وكذا قاله أبو حاتم ولا أراها كافية لان أن اشكر منصوب بوصينا إلى ولوالديك حسن إلى المصير تام فلا تطعمها كاف وكذا معروفا ومن أناب إلى تعملون تام يأت بهم الله كاف خبير تام على ما أصابك كاف الأمور حسن وكذا خدك للناس مرحا كاف وكذا فخور وفي مشيك ومن صوتك الحمير تام وباطنه تام منير حسن عليه آباءنا كاف عذاب السعير تام وكذا الوثقي وعاقبة الأمور كفره حسن وكذا بما عملوا بذت الصدور كاف غليظ حسن وكذا اليقولن الله قل الحمد الله كاف لا يعلمون تام الأرض كاف الحميد تام كلمات الله كاف وزعم بعضهم انه يوقف على من شجرة أقلام وليس بشيء حكيم تام واحدة كاف بصير تام خبير حسن الكبير تام من آياته كاف شكور حسن له الدين كاف وكذا مقتصد كفور تام شيأ صالح إن وعد الله حق كاف وكذا الحياة الدنيا الغرور تام علم الساعة كاف وكذا وينزل الغيث وفي الأرحام وغدا وتموت آخر السورة تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة لقمان مكية وقيل إلاَّ قوله ولو أنَّما في الأرض من شجرة أقلام الآيتين فمدني وكلمها خمسمائة وثمان وأربعون كلمة وحروفها ألفان ومائة وعشرة أحرف وليس فيها شيء مما يشبه الفواصل وآيها ثلاث أو أربع وثلاثون آية.
ألم تقدم الكلام عليها.
{الحكيم} كاف لمن قرأ و{هدى ورحمة} بالرفع بتقدير هو هدى ورحمة وليس بوقف لمن رفعه خبرًا ثانيًا وجعل تلك مبتدأ وآيات خبرًا وهدى ورحمة خبرًا ثانيًا نحو الرمان حلو حامض أي اجتمع فيه الوصفان وكذا ليس الحكيم بوقف إن نصب هدى ورحمة على الحال من آيات.
{للمحسنين} تام في محل الذين يقيمون الحركات الثلاث الرفع والنصب والجر فإنْ رفعت الذين بالابتداء والخبر أولئك كان الوقف على المحسنين تامًا وكذا إن نصب بتقدير أعني أو أمدح وجائز إن جرَّ صفة للمحسنين أو بدلًا منهم أو بيانًا.
{يوقنون} تام إن جعل أولئك مبتدأ وخبره من ربهم وجائز إن جعل خبر الذين.
{من ربهم} جائز.
{المفلحون} تام باتفاق على جميع الأوجه.
{بغير علم} حسن لمن رفع ويتخذها مستأنفًا من غير عطف على الصلة وليس بوقف لمن نصبها عطفًا على ليضل وبها قرأ الأخوان وحفص والباقون بالرفع عطفًا على يشتري فهو صلة.
{هزوًا} جائز وقال أبو عمرو كاف.
{مهين} تام ولا يوقف على مستكبرًا ولا على {وقرًا} إن جل فبشره جواب إذا وإنْ جعل ولى مستكبرًا جواب إذا كان الوقف على وقرًا.
{أليم} تام.
{جنات النعيم} ليس بوقف لأنَّ خالدين حال مما قبله.
{خالدين فيها} حسن إن نصب وعدًا بمقدر أي وعدهم الله ذلك وعدًا وقيل لا يوقف عليه لأنَّ ما قبله عامل فيه في المعنى.
{وعد الله حقًا} كاف.
{الحكيم} تام.
{ترونها} حسن والعمد هي قدرة الله تعالى وقال ابن عباس لها عمد لا ترونها.
{أن تميد بكم} جائز ومثله {من كل دابة}.
{كريم} تام.
{هذا خلق الله} حسن وليس تامًا كأنَّه قال هذا الذي وصفناه خلق الله وبخ بذلك الكفار وأظهر حجته عليهم بذلك.
{من دونه} كاف.
{مبين} تام.
{الحكمة} ليس بوقف لأنَّ ما بعدها تفسير لها ولا يفصل بين المفسر والمفسر بالوقف.
{أن اشكر لله} حسن.
{لنفسه} أحسن مما قبله.
{حميد} تام إن قدر مع إذ فعلًا مضمرًا.
{بالله} كاف وقد أغرب من وقف لا تشرك وجعل بالله قسمًا وجوابه إنَّ الشرك وربما يتعمد الوقف عليه بعض المتعنتين ووجه غرابته أنَّهم قالوا إنَّ الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلاَّ بالواو فإذا ذكرت الباء أتى بالفعل قاله في الإتقان.
{عظيم} تام والوقف على {بوالديه} و{على وهن} و{في عامين} قال أبو حاتم السجستاني هذه الثلاثة كافية قال العماني وتبعه شيخ الإسلام أنَّها ليست كافية لأنَّ قوله أنْ أشكر لي في موضع نصب بوصينا.
{لي ولواديك} أرقى حسنًا من الثلاثة.
{إليَّ المصير} تام.
{فلا تطعهما} كاف ومثله معروفًا وكذا من أناب إليّ.
{تعملون} تام.
{أو في الأرض} ليس بوقف لأنَّ قوله يأت بها الله جواب الشرط.
{يأت بها الله} كاف.
{خبير} تام للابتداء بالنداء.
{أقم الصلاة} جائز ومثله بالمعروف وكذا عن المنكر كذا أجاز الوقف على هذه الثلاثة أبو حاتم وكذا مثلها من الأوامر والنواهي.
{واصبر على ما أصابك} كاف.
{من عزم الأمور} تام.
{خدَّك للناس} حسن.
{مرحا} كاف.
{فخور} تام.
{في مشيك} كاف وكذا من صوتك.
{لصوت الحمير} تام.
{ظاهرة وباطنة} كاف وتام عند نافع ظاهرة على اللسان وهو الإقرار وباطنه في القلب وهو التصديق.
{منير} تام.
{ما أنزل الله} ليس بوقف لأنَّ جواب إذا ما بعده وهو قالوا.
{آباءنا} كاف وقال أبو حاتم تام للاستفهام بعده وجواب لو محذوف تقديره يتبعونه.
{إلى عذاب السعير} تام.
{الوثقى} كاف.
{عاقبة الأمور} تام.
{كفره} كاف ومثله {بما عملوا}.
{بذات الصدور} تام.
{قليلًا} جائز.
{غليظ} تام.
{ليقولن الله} حسن.
{قل الحمد لله} كاف لتمام المقول.
{لا يعلمون} تام.
{والأرض} كاف.
{الحميد} تام.
{أقلام} وقف عليه نافع والأخفش والأجود وصله على القراءتين أعني من نصب البحر ومن رفعه والذي نصبه أبو عمرو وعطفًا على اسم إن والباقون بالرفع والرفع من وجهين أحدهما عطفه على أنْ وما في حيزها والثاني إن والبحر مبتدأ ويمده الخبر والجملة حال والرابط الواو والنصب من وجهين أيضًا أحدهما أن يكون معطوفًا على ما في قوله ولو أن ما في الأرض كأنَّه قال ولو أن شجر الأرض وأقلامها والبحر يمده والثاني نصبه بفعل مضمر على الاشتغال كأنَّه قال ويمد البحر يمده من بعده.
{سبعة أبحر} ليس بوقف لأنَّ قوله ما نفدت جواب لو.
{كلمات الله} كاف عند الجميع.
{حكيم} تام.
{كنفس واحدة} كاف.
{بصير} تام.
{والقمر} كاف.
{إلى أجل مسمى} ليس بوقف لأنَّ أنَّ منصوبة بما قبلها.
{خبير} تام ولا وقف من قوله ذلك بأنَّ الله إلى قوله: {الكبير} فلا يوقف على هو الحق لأنَّ أنَّ ما موضعها جر بالعطف على ما عملت فيه الباء ولا على الباطل لأنَّ وأنَّ الله معطوفة على ما قبلها.
{الكبير} تام.
{من آياته} كاف.
{شكور} تام.
{له الدين} كاف ومثله مقتصد.
{كفور} تام.
{عن ولده} جائز.
{شيئًا} حسن.
{إنَّ وعد الله حق} أحسن مما قبله.
{الحياة الدنيا} حسن للفصل بين الموعظتين.
{الغرور} تام.
{علم الساعة} حسن ومثله وينزل الغيث وكذا ما في الأرحام للابتداء بالنفي ومثله ماذا تكسب غدًا وكذا تموت.
آخر السورة تام. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة لقمان:
بسْم اللَّه الرَّحْمن الرَّحيم.
الحُلوانيّ عن شباب عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو وعيسى الثقفي: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهَنًا عَلَى وَهَنٍ}، بفتح الهاء فيهما.
قال أبو الفتح: الكلام هنا كالكلام فيما ذكرناه آنفا في قوله تعالى: {إلَى يَوْم الْبَعْث فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْث} وعلى أنه قد حكى أبو زيد: {فَمَا وَهنُوا}، قراءة. فقد يمكن أن يكون الوهَن مصدر هذا الفعل، كقولهم: وَضرَ وَضَرًا، ووَحرَ وَحَرًا.